Thursday, July 1, 2010

شهية الكتابة في الغربة…ماذا عن الوطن؟



اليكم أصدقائي تدوينة بسيطة ولدت في تفكيري منذ زمن وقد حان موعد ولادتها الان بعد قراءة موضوع صغير لصديقي “متشرد” بعنوان شذرة
لطالما أحسست بتلك الشهية الغريبة للكتابة كلما خرجت خارج رام الله او خارج فلسطين.
في سوريا أشتهيت كتابة كل شيء حتى أنفاسي عندما تتسارع في دمشق القديمة لعظم جمالها، حتى سخطي على سائقي المكروهات، حتى ليل الشام الموحش الخالي من كل شيء الا القطط، حتى أنني اشتهيت كتابة طعام الشام بقدر اشتهائي لأكله.
في دبي كانت شهيتي اقل نوعاً ما، ولربما يعود السبب الى تلاشي كل ما هو طبيعي في تلك البلد، فكلها مصنوعة مصنوعة، حتى البشر تحولوا الى ماكنات مصنوعة، فتراهم يروحون الى العمل صباحاً يبدؤون العمل دون انقطاع حتى اذا جاء المساء يلجؤون الى أريكة ومسلسل تلفزيوني، ذلك الوحش الروتيني أفقدهم شجاعتهم وقضى على متعتهم وفرحهم خلال ايام الاسبوع، ولكن الحق يقال، بعضهم يتمرد على هذا الوحش فقط في نهايات الاسبوع.
في شرم الشيخ انشغلت حقاً في كل شيء حولي، بحر وصحراء وأصدقائي – بمن فيهم ضياء رحمه الله- اشتهيت الكتابة ايما اشتهاء ولكن الوقت لم يكن يسمح للكتابة، وبالرغم من ذلك ما زلت حتى هذه الساعة تنهشني رغبتي بالكتابة عمّا حصل هناك خصوصا بعد وفاة ضياء رحمه الله، لقد شاركني ضياء غرفتي في ذلك الفندق الهاديء في شرم الشيخ.
مؤخراً، قضيت وقتاً طويلا في السويد في ثلاث مدن مختلفة كل واحدة تختلف عن الأخرى، كتبت الكثير ولكن لم انشر شيئاً حتى الآن، ربما لأنً جل ما كتبته كان يعبر عن انطباعات واحاسيس خاصة تعود الى دائرتي المغلقة، المهم أنني اشتهيت الكتابة هناك أيضاً.
أفكر الآن، لماذا نشتهي الكتابة ونحن خارج بلادنا، كل شيء نراه نحب وصفه واخبار اهلنا واصدقائنا عنه، وسائل النقل، الاماكن والمتنزهات العامة، الطعام، الناس، العادات، الحقوق، التعامل، التكنولوجيا، التراث، وغيره غيره الكثير.
لماذا لا نحس بهذه الشهية في بلادنا، لماذا لا نكتب عن جبالنا واشجارنا، لماذا لا نصف تلك المواقف اليومية التي – بسبب تكرارها – اصبحت عادية، مع أنها ذات قيمة عالية، لماذا لا نكتب عن تلك المشاعر التي تختلجنا عند سماعنا خبر يتحدث عن ظالم، او خبر يتحدث عن قصة نجاح، او انتهاك لحقوق شخص وانصاف آخر، لماذا لا نكتب كيف نرى السياسة والساسة حولنا، لماذا لا نكتب عن أصدقائنا الذي نقضي معظم وقتنا معهم، لماذا لا نكتب عن تلك الامكنة التي نرتادها بشكل مستمر، لماذا لا نكتب عن تلك الحواجز “الاسرائيلية” التي أخذت مجرى الدم في عروقنا، لماذا لا نكتب عن تضحية اهلنا من اجلنا، لماذا لا نكتب عن دمعات امهاتنا يوم نتائج التوجيهي ويوم تخرجنا من الجامعة وأيضاً يوم زفافنا؟
أصدقائي، الامر بسيط جداً، ولا يحتاج لتعقيد او لخبرة كبيرة، كل ما نحتاجه هو نصف ساعة ندق فيها ازرار لوحة المفاتيح، لنكتب عن شخص، حدث او شعور، ثم نضع هذه الفقرات الصغيرة القليلة التي كتبناها على الفيس بوك او على مدونة بسيطة ونطلب من بعض اصدقائنا قراءتها، ومن ثم محركات البحث ستقوم بالباقي حيث ستوجه كثيراً من متصفحي الشبكة الى كلماتك التي اصبحت الان عالمية بعد ان كانت سجينة لحظات تفكيرك بها، هذه اللحظات التي تولد لثوان في تفكيرنا ولا تلبث ان نعدمها اصبح بامكانها الان ان تعيش الى الابد.
رام الله – فلسطين
1-7-2010
صالح دوابشة – مدون فلسطيني

2 comments:

  1. حابب أقرأ هي الكتابات الي كتبتها بالسويد
    :)
    قاسم

    ReplyDelete