Thursday, July 22, 2010

الجسر،،، مهانة وهزيمة

اضطررت يوم الثلاثاء للذهاب الى الاردن لانجاز امر عائلي، وكان من المفروض ان اعود في نفس اليوم، ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن.
ولأن هذه التجربة كانت سيئة جداً وازعجتني قررت الكتابة عنها، علي أفضفض عن الساعات الطويلة التي قضيتها على الحدود.
انطلقت من رام الله الساعة الخامسة صباحاً لأصل الاستراحة - الجانب الفلسطيني للحدود - الساعة السادسة صباحاً فتفاجأت بصف طويل من السيارات المنتظرة للدخول، بعد ساعتين وأخيراً دخلت الاستراحة وحصلت على رقم 827،المهم بعد طول انتظار ركبت في الباص، تحرك الباص وقلت انا "فرجت".
ولكن المفاجأة كانت عند الجانب الاسرائيلي حيث انتظرنا ما يقارب الاربع ساعات وذلك لأن 35 حافلة من معتمري فلسطينيي ال 48 قد تم تحويلها من جسر الشيخ حسين الى جسر الملك حسين، ولأن موظفي الحدود الاسرائيليين قد أضربوا وقرروا عدم العمل حتى يتم تنفيذ مطالبهم.
وصلت الجهة الاردنية وتم اخباري بأنه لا يمكن أن اعود في نفس اليوم لان المغادرة من الجهة الاردنية قد توقفت، ولا سبيل لدي الا الذهاب الى عمان والانتظار لليوم التالي.
وهكذا كان، ولكن طريق العودة لم تكن طبيعية أبدا، حيث كان يتوجب علي ان اصل الحدود الاردنية الساعة الثانية صباحاً لاضمن بأن "الحق دور" للسفر الى فلسطين.
انتظرت من الساعة الثانية صباحاً حتى السادسة في السيارة في منطقة الاغوار الاردنية، وهذه بحد ذاتها تجربة مقرفة جداً على الصعيد الجوي والنفسي.
الساعة السادسة بدأ الموظفون الاردنيون بادخال السيارات، دخلنا الحدود الاردنية، نزلنا من السيارات وبدأ الشعب الفلسطيني الرائع بالركض والمدافعة
الدور طويل، والانتظار اطول، والعجيب ان الجميع يدافع الجميع، ويقللون المسافات الفاصلة بينهم حتى يلتصقون ببعضهم البعض مع ان الاردنيون لم يبدأوا بادخال احد الى القاعة الرئيسية للمسافرين حتى الان. 
أشخاص يدخلون بالدور لإنهم ربما يعتقدون بأنهم افضل من الاخرين وبانه يحق لهم ان يأخذوا دور الغير.
شخص كبير في العمر "ختيار يعني" ينحني لينزل تحت المواسير الحديدية ليصبح في اول الصف ساحقاً بهذا التصرف حق اكثر من الف مواطن ينتظرون في الصف منذ ساعتين، وساحقاً بذلك احترامه لنفسه واحترام الاخرين له.
ولكن "الازفت" من هذا، انه حين تجمعنا للحصول على التذاكر، اخذ "هذا الختيار" بمدافشة الاخرين واتهمني بانني لست في الدور مع العلم أنني قبله في الصف ووصلت قبله عند شباك التذاكر، غضبت جداً ولكنه اكبر من أبي فماذا عساني افعل غير أن اقول له "الله يسامحك يا حج، يعني اخدت دور الناس وكمان بتتهم فينا انه مش ماشيين عالنظام؟"
داخل القاعة كل شخص يحصل على رقم، ولكن ليس الكل ينتظر رقمه، فتجد شخص قد حصل على رقم 250 ولكنه يذهب الى الشباك ويقدم جواز سفره ليتم فحصه وختمه قبل الاشخاص الحاصلين على رقم 150، يعني بكلمات اخرى، غش وخداع من اجل اخذ حق الاخرين، هو افضل من الاخرين لذلك يجب عليه ان يستثمر كامل قوته وشره لتجاوزهم.
فوضى في دخول الباصات، صراخ وصياح، مدافعة بين الرجال والنساء، والكل يحاول اخذ دور الاخر، والمضحك بأن بعض الاشخاص عندما ياخذوا دورك يدخلون في الصف امامك دون النظر اليك وكأنك غير موجود أصلاً، اشي مش طبيعي.
انتظار في الباصات حتى تسمح الجهة الاسرائيلية بدخول الباصات، طبعا الجهة الاسرائيلية لا تسمح بهذه الفوضى، فتبقي الجميع منتظرين في الباصات ولا تدخل الا باص باص، حتى لا تعم الفوضى في منطقتهم، هم شعب منظم لذلك هم منتصرون، ونحن شعب فوضوي لا يعترف اي منا بحق الاخر لذلك نحن شعب "بنخزي".
في احد مراحل السفر كانت امرأة تأمر اولادها بالدخول بالصف "وبالمحاشرة"، طبعاً عندما يكبر هؤلاء الاطفال ستكبر معهم هذه العادة، فالفوضى في الصغر كالنقش في الحجر.
كنت اتوقع ان نكون رحيمين مع بعضنا البعض، لأننا نهان في رحلة السفر هذه على جميع الاصعدة ومن قبل جميع الاطراف، ولكن يبدو بان هذه الكمية من الإهانة لم تكفينا، فقررنا ان يدوس كل منا على الاخر حتى نهان اكثر.
أن تعتقد بانك افضل من الاخرين، ويجب عليك الدوس عليهم مع انك انت وهم تحت نفس المهانة هو امر جلل والله ولا ينبىء بخير أبداً.
أعزائي أبناء الشعب الفلسطيني، يجب ان لانتهم العدو بأنه يجثم فوق صدورنا فنحن أثقل منه على صدور بعضنا البعض، ويجب أن لا نطلب من الدول العربية أن تشعر بنا وتساعدنا قبل أن نسعر مع بعضناالبعض، وكفانا لعنةً للفرقة التي بيننا فنحن من زرعنا بذورها في قولب وعقول اطفالنا.
ملاحظة: بالنسبة لجماعة حملة كرامة، طيب الله جهودكم ولكن هناك شوط طويل يجب ان نقطعه في تعليم انفسنا النظام وكيف نحترم انفسنا قبل ان نطالب الجهات الاخرى باحترامنا.
صالح دوابشة 22-7-2010

2 comments:

  1. صح نعم صحيح ، كل كلمة عن هذا الشعب اللي ما بحترم مجال الاخرين و لا بحترم حقوقهم صحيحة ، و اكيد مش رايحين نتحرر ابدا طول ما احنا هيك ، لانه "لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم "

    ReplyDelete
  2. I don't think any one would describe the suffering and disorder we face better than you.

    Same happenes with me every weekend when I try to travel between my home town (Kairouan) and the city where i study and work (Sousse); and I stand up a little away waiting that people would admit that they have to be in a line and respect the numbers etc and hope that they would stand back like me letting old people and ladies with childeren and babies go first but never happens and I have to miss this many buses with no point and then have yo push and fight to get on one eventually. and can't count the number of times I had to travel standing up all the way!
    I won't tell you also about the curruption that happens when men throw their hands on women and girls boobs and backs and asses taking advantage of the crowd and thinking they won't get caught and the bad words starts and little kids listen!!
    it's exactly: الفوضى في الصغر كالنقش في الحجر

    it's a long way to teach people the principes of civilisation and order, but we should never gave up (guess this is not the case to say let's start by our selves, or be the change you want to see in the world like I did, because you'll simply be left behind!)

    Great job my friend :)
    / Kacem

    ReplyDelete