Saturday, June 27, 2009

قمر وسنابل... مطاردة أسرٌ ولجوء...بقية من قضية ودمعتين

عرض وشاح: قمر وسنابل... مطاردة أسرٌ ولجوء...بقية من قضية ودمعتين

الساعة التاسعة من مساء يوم الجمعة الموافق السادس والعشرين من شهر حزيران لعام 2009 خطوت خارج قصر رام الله الثقافي الكائن في مدينة رام الله في "مشروع دولة فلسطين" تعتمرني مشاعر حارة سببها العرض المسرحي الغنائي الراقص الذي تابعته لحظة بلحظة ما بين ابتسامة ودمعة وتصفيق حار.

لم يكن الجديد في هذا العرض فقط روعة رقص ودبكة فرقة وشاح ولا صوت اعضاء فرقة يلالان المميز ولا العمل المسرحي الفلسطيني الذي يرتبط دوماً بقضية هذا الشعب وأوجاعه،وإنما أيضاً طابع الابداع في اخراج العمل والتركيز على الجوانب الحساسة في قضيتنا.

نهتف أحياناً " الحرية للأسرى" ونحن لا ندري شيئاً عنهم ولا كيف يعيشون، ولكن أثناء قمر وسنابل تعاطفنا مع "أسامة وطارق" رغم أننا لم نرى وجوههم، ما أرهق حزننا أكثر هو حزن " الحجة" عليهم، ودعاؤها لهم في كل لحظة حتى لربما تنسى أن تتنفس ولكن لا تنساهم من صالح دعائها.

"يونس" الشاب المطارد الذي يسترق من الليل زيارة خاطفة للمخيم ليرى "الحجة"، ويرى حبيبة قلبه "سنابل". لله دركم ايها المطاردين، تقاتلون، تجوعون، تسكنون الكهوف، وفي قلوبكم تسكن الف "سنابل".
"يونس" يحاول أن يشرح ل "سنابل" خطورة ارتباطهما، وانه شخص لا يملك أمره، وقد اختار المر الذي لا يريد ان يذيقها إياه، ولكن هي تصر على ان لا تلد الا منه، هن عشيقات ونساء المطاردين الاحرار هكذا دائماً، عزمن على ان لا يلدن الا احراراً.

"الحجة" ضمير المخيم ورمز عزته، تدبر خطة لزواج "يونس" من "سنابل"، وتسفه المتقاتلين على "صك الطابو" بعد ان نسوا أن لهم في ارضهم هناك بقية، هناك حيث تتذكر مسكنها ومسكن ابنة خالتها "وضحة" وعمتها "زريفة" في قريتهم المسروقة "دير ياسين"، ماأروعك يا "حجة" ما زلت تذكرين في زمن النسيان، وتقفين وحدك هناك تتصايحين انت وذلك المستوطن الحقير، وعلاة قومك يشاركونه الولائم ويمنحونه الولاء التام.

مطاردة، أسرٌ، ولجوء في قالب جديد يأسرك من اول لحظة الى الاخيرة، هكذا عمل كفيل بان يذكرنا بمأساتنا، لا ان نقيم الاحتفالات التي لا يخطب فيها الا من سرق أكثر من أموال هذا الشعب، أو أن نطبع مليون تي-شيرت اسود كتب عليها بالخط العريض 1948، كان حرياً بهم ان يستثمروا أموال التي-شيرتات في دعم أعمال فنية كهذا، وان يسهلوا لفرقة كهذه ان تعرض "قمر وسنابل" في كل بلاد العالم، لتذكر فلسطينيي الشتات أنه يوجد في فلسطين الداخل أناساً ما زالوا يذكرونهم، وليس فقط جماعات متناحرة للوصول الى كرسي منزوع السيادة.

حتى هذه الساعة – انقضى على نهاية العرض خمس ساعات ونصف – أنا غير قادر على نسيان ذلك الشعور الذي اجتاحني بعد موت الحجة واطفاء الانوار، وصوت ذلك المنادي " يا اهل المخيم الحجة ماتت واليوم العصر دفنتها" ومن ثم تشعل الأضواء ويطلق العنان لموسيقى رائعة، ويحتل المنصة شباباً كالجبال يلبسون الاسود، جاعلين من قلبي ما بين مصدق ومكذب، ذرفت دمعة، والثانية ذرفتها عندما دخل "يونس" الى بيت الاجر واحتضن شال " الحجة" والحزن يقطع اوصاله، نظرت الى كل جزء في المنصة فرأيت فتيات شغلن كل جزء في المخيم يلبسن الاسود ويبكين اللؤلؤ ولسان حالهم يقول، كلنا "الحجة"، فاستبشرت خيراً.

رأيت في "الحجة" كرامة الارض، وكبرياء الاًسرى، وشجاعة المطاردين، وصبر أمهات الشهداء، والله إن كل مشهد في المسرح كانت تغيب عنه "الحجة" كان كالجبل على ظهري، كاني كنت أبحث عنها وانتظر دخولها، حتى اذا دخلت تنفست الصعداء.

على كرسيها الذي يصغرها بقليل، اوصت وصيتها، وأسلمت روحها الى بارئها، ولكني انا وهم سنبقى نذكر "الحجة" كلما أحسسنا بحاجة ماسة الى موقف فيه شرف أو عزة.

عند نهاية العرض، وتحية المؤديين للجمهور توصلت إلا أن قضية فلسطين حتماً ستنتصر في يوم من الأيام، حتى ولو بعد مليون سنة، بعد هذا العرض لست أقول انقضى على نكبتنا واحد وستون عاماً، وانما أقول" الميلون سنة راح منهم واحد وستين"





27th June 2009
3:20 am

No comments:

Post a Comment