Tuesday, May 19, 2009

لحظات شامية

لحظات شامية


لست أدري ان كان ذلك قلبي ام كان حسوناً...ذلك الشي الذي كان يسبقني ولا يتركني..لم أستطع أن أميز ذلك الصوت..هل هو خفقات قلبي أم رفرفات اجنحة...بدات أشك في أن كمية الاكسجين المحيطة ستكفيني... خصوصاً بعد انطلاقي من حدود ضيعات الشام الى قلبها...لم تمتلىء رئتاي بهكذا كمية من الهواء من قبل...وددت لو أضحك بصوت عالٍ...أو أبكي بصوت مكتوم...استأذنتني عبرتان لتبللا وجنتان احمرتا شوقاً وحياءً.لست أتذكر ان كنت قد أذنت لهما...ولست أتذكر درجة حرارتهما...ولكني أتذكر بأنهن كنّ دافئات...


لست أتذكر الا الاف اللحظات التي اخذت تتزاحم أمام ناظري...لحظات فلسطينية...لحظات صوت وصورة ثابتة...لحظات انفعال وطيش...لحظات زعل ورضى...لحظات اقتناع وامتناع...لحظات راقصة وأخرى هادئة...لحظات بريئة وأخرى غيرها متلاعبة.

كل هذه اللحظات كانت تتجمع في القديم لتكون لوحة...لوحة تقيّد كل هذه اللحظات بإطارها النظري الصامت البارد....القاتل.

هل حقاً سيسمح لهذه اللحظات ان تتحرر من اطار لوحتها النظري...لتتبعثر هنا وهناك...في ساحة المسجد الأموي...وفي الحميدية...في الصالحية والشعلان...في شارع الحمراء وفي اروقة الشام القديمة الضيقة...في باب توما وجانب النوفرة...في اشهى المطاعم وأجمل المقاهي..لست أدري ان كانت لحظات تتبعثر او تنقسم...

لربما كانت لحظات تنقسم وتتكاثر وتصنف نفسها في نوعين...نوع نظري قديم لا يقبل الاندثار...ونوع جديد مملوء بالنشوة...لحظات تخزني كل لحظة اعتقد فيها بأنني أحلم...لأكتشف بأنني لست أحلم وإنما وصلت احضانها.


هل حقا تتعانق القلوب؟؟؟كم انتظرت هذا العناق...ذلك العناق الطاهر...الذي يتعالى على كل المحسوسات المادية..انتظرته ولكنني لم أجده...لم أقابله..ففترت قوتي...وتجمعت واحتشدت لحظاتي لتاخذ كل واحدة منهن موقعا لها في رأسي خوفاً من أن تتأخر قليلاً فتمسي بلا مأوى.

أهو قدري؟؟؟هذا ما ظننته...قدر مكتوب...ولكن بعد برهات ساخنة وبعد اندماجات وحشية...بعد محاكاة حساسين القلب لقمم الاشجار...وبعد تلقي الاسهم على ترسِ قلبيٍّ قوي..وبعد التوحد مع موجات صاخبة ورياح عاصفة...وضوء قمرٍ هادىء...ونسيم بحر عليل...تغير قدري..استغفر الله..فليس القدر يتغير...وإنما ادراكي هو الذي نضج.يبدو بأن عناق القلوب كان أصعب مما توقعت...فهو ليس بقطع شجرة في غاب ...وليس بشبكة يلقيها صياد...وليس دعوة يبعثها أمير مخملي الى فاتنة ريفية...وليس ثورةً يبدؤها فلاحون...إنه أكثر من ذلك...إنه إحساسك بفقدان القدرة على الاحساس...

ثم تفقد قدرتك على الابتعاد....فتفقد قدرتك على كل شيء...باستثناء شيء واحد...لن تفقد قدرتك على أن تبقى معانقاً حتى يمل العناق من عناقك.


دمشق 6.2.2007
5:30pm

No comments:

Post a Comment